أعمدة الرأي

أوراق نفسية – الحرية من أساسيات التحرر – د. بشير الياس

اعمدة الرأي

تعد الحرية بحد ذاتها حاجة نفسية لايستطيع الفرد العيش بسلام داخلي وخارجي دون أن يحياها شعورا وموقفا.

وهي من أساسيات التحرر من قيود التوتر والخوف والألم؛ ذلك لأن عدم القدرة على التعبير والتصرف بحرية يعيق الاستمرار في الحياة بتناغم وانسجام بين معطيات الفرد الداخلية وبين مايحيط به من مستجدات.

والحرية أيضا استقلالية الفكر والتصرف حسب ما يعتقده الفرد في نفسه من احتياجات ومتطلبات. وهي احتياج يظهر كرغبة من سنوات عمر الإنسان الأولى ولا تنفصل عن الحاجات الأخرى والتي تتنوع وتختلف وتتداخل مابين حاجات جسدية وحاجات نفسية وحاجات اجتماعية.

وكما تعلمون أن التنشئة الوالدية والأسرية هي المصدر الأول والأساسي لتوجيه أفكار الإنسان وسلوكياته من خلال الأساليب التي تعتمدها في التربية. وقد يكون أثرها سلبيا أو إيجابيا.

إن الحرية كحاجة نفسية تعتبر قيمة مهمة في الحياة من خلالها يتمكن الفرد من اكتساب مفاهيم وأدبيات التعبير عن رأيه وتقبل رأي الطرف الآخر.

ولا تقتصر الحرية على مجرد التعبير عن الذات. وإنما هي مفهوم ممتد من القدرة على اعتناق المبادئ بإستقلالية إلى تطبيق تلك المبادئ بضوابط الشرع والعرف المألوفة.

كما أن الحرية احتياج مشترك بين جميع الناس ولكنها تختلف في أشكالها حسب ميول الشخص وأفكاره ورغباته.

وللحرية أشكالها منها. حرية التعبير عن الرأي وحرية الإرادة وحرية الإختيار… وبالرغم من اختلاف الأنواع إلا أنها متداخلة. فعندما يحتاج الإنسان التعبير عن رأيه فهو بذلك يحتاج إلى إرادة حره تمكنه من ذلك ليصل لإختيار حر من صنع ذاته الداخلية.

ويتبلور ويتشكل مفهوم الحرية في ذات الإنسان من خلال احترام حدود الشخص مبدئيا داخل الأطر الاجتماعية التي يعيشها… وإعطاء الفرد مساحة للمشاركة الفعالة داخل حياته الأسرية والاجتماعية التي ينتمي إليها… وتقدير ذلك الرأي مهما بدأ حجم الاختلاف.. وعدم معارضة الشخص في محبوباته حتى لايتحول الأمر لديه إلى عملية جدلية مع محيطه…. ولابد من جعل العملية التربوية عملية تبادلية في عمليتي الأخذ والعطاء وذلك حتى يتشكل مفهوما ينضج لممارسة الحرية بإعتدال.. . وايضا استحسان الإنسان كمعنى يجعل الفرد مقبولا عند غيره وعند نفسه كذلك ويجعل سلوكياته وأفكاره مدفوعة بقناعات ذاتية تكسبها صفة الثبات…
يعتبر التصرف بحرية عامل مهم في تحقيق مفاهيم الصحة النفسية التي من خلالها يتعايش الفرد مع بيئته بنجاح يضمن له الرضا والسعادة.

وليست الحرية مفهوما مجردا. أو مطاطيا كما يظن البعض. بل هي مفهوم مثقل بالقيم والمعايير الأخلاقية والإنسانية التي تؤتي ثمارها من خلال أهدافها التي ترتقي وتتسامى لتشمل تحقيق حرية منضبطة لمجتمع بأسره..

والحرية بمعناها الحقيقي هي تنفيذ الخطط الفكرية والمنهجية التي ترسم معالم بيئة دون عيرها. فتصبح بيئة متحررة من قيود السلطوية والعنف والاستبداد الفكري..


إضغط هنا للإنضمام لمجموعات نبض السودان على واتساب

إقراء أيضاً:

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى